ما هي الغازات النادرة؟

ما هي الغازات النادرة؟

تُعرف الغازات النادرة، أو الغازات النبيلة، بأنها مجموعة من العناصر الكيميائية التي تتميز بخمولها الكيميائي الشديد. وتتواجد هذه الغازات في المجموعة 18 من الجدول الدوري، وتضم الهيليوم (He)، والنيون (Ne)، والأرجون (Ar)، والكريبتون (Kr)، والزينون (Xe)، والرادون (Rn). تُعرف هذه الغازات أيضاً بأنها "غازات خاملة" نظراً لعدم تفاعلها مع العناصر الأخرى في الظروف العادية. وتتميز هذه الغازات بخصائص فريدة تجعلها ذات أهمية كبيرة في العديد من التطبيقات العلمية والصناعية. فما هي الخصائص التي تميز هذه الغازات؟ وما هي استخداماتها المتنوعة؟ وكيف يمكن الحصول عليها؟

تتميز الغازات النادرة بأنها توجد في الحالة الغازية في الظروف القياسية، وهي عديمة اللون والرائحة والطعم. كما أنها أحادية الذرة، أي أن ذراتها لا ترتبط مع بعضها البعض لتكوين جزيئات ثنائية أو متعددة الذرات. ويرجع خمولها الكيميائي إلى امتلاكها لغلاف تكافؤ مكتمل بالإلكترونات، مما يجعلها مستقرة وغير قابلة للتفاعل مع العناصر الأخرى. ويختلف كل غاز من الغازات النادرة في بعض الخصائص الفيزيائية والكيميائية مثل درجة الغليان والانصهار، والكثافة، والقدرة على التأين. وقد تم اكتشاف هذه الغازات تدريجياً على مر السنين، حيث كان الهيليوم أول الغازات النادرة التي تم اكتشافها، بينما كان الرادون آخرها.

خصائص الغازات النادرة

تتشارك الغازات النادرة في العديد من الخصائص المشتركة، ولكنها تختلف في بعض الخصائص الفيزيائية والكيميائية. وفيما يلي أبرز خصائص هذه الغازات:

  • الخمول الكيميائي: 
  • .. تُعتبر الغازات النادرة غير نشطة كيميائياً، حيث لا تتفاعل بسهولة مع العناصر الأخرى. ويرجع ذلك إلى امتلاكها لغلاف تكافؤ مكتمل بثمانية إلكترونات (باستثناء الهيليوم الذي يمتلك غلاف تكافؤ مكتمل بإلكترونين)، مما يجعلها في حالة مستقرة ولا تميل إلى فقد أو اكتساب الإلكترونات.

  • أحادية الذرة:
  • .. تتواجد الغازات النادرة في صورة ذرات مفردة، ولا ترتبط مع بعضها البعض لتكوين جزيئات ثنائية أو متعددة الذرات. وهذا يرجع أيضاً إلى استقرار ذراتها وعدم حاجتها إلى الارتباط مع ذرات أخرى لتحقيق الاستقرار.

  • عديمة اللون والرائحة والطعم:
  • .. تتميز الغازات النادرة بأنها عديمة اللون والرائحة والطعم في الحالة الغازية، مما يجعلها غير قابلة للكشف بسهولة عن طريق الحواس.

  • درجات غليان وانصهار منخفضة: 
  • .. تتميز الغازات النادرة بأنها ذات درجات غليان وانصهار منخفضة، حيث تتواجد في الحالة الغازية في الظروف القياسية، ويمكن تسييلها فقط عند درجات حرارة منخفضة جداً.

  • قابلية للتأين: 
  • .. على الرغم من خمولها الكيميائي، إلا أن الغازات النادرة يمكن تأيينها عند تعريضها لطاقة عالية، مثل التفريغ الكهربائي. وعند التأين، تفقد ذراتها إلكترونات وتتحول إلى أيونات موجبة، وتصدر إشعاعات ذات أطوال موجية محددة، وهي خاصية تستخدم في العديد من التطبيقات.

تختلف الغازات النادرة في خصائصها الفيزيائية مثل الكثافة ودرجات الغليان والانصهار، حيث تزداد هذه القيم تدريجياً كلما انتقلنا من الهيليوم إلى الرادون. ويرجع ذلك إلى زيادة حجم الذرة وقوة التجاذب بين الذرات. كما تختلف أيضاً في قدرتها على التأين، حيث يزداد سهولة التأين كلما انتقلنا إلى الأسفل في المجموعة، نظراً لزيادة بعد الإلكترون الأخير عن النواة.

استخدامات الغازات النادرة

تتمتع الغازات النادرة بتطبيقات واسعة ومتنوعة في العديد من المجالات العلمية والصناعية، وذلك بفضل خصائصها الفريدة. وفيما يلي بعض أبرز استخدامات هذه الغازات:

  • الهيليوم (He):
  • ...يُستخدم الهيليوم في تبريد الأجهزة فائقة التوصيل، وملء البالونات والمناطيد، وفي أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وفي الغوص العميق، وفي أبحاث الطاقة النووية.

  • النيون (Ne): 
  • .. يُستخدم النيون في صناعة لافتات النيون المضيئة، وفي أنابيب التفريغ الكهربائي، وفي أجهزة الليزر.

  • الأرجون (Ar): 
  • .. يُستخدم الأرجون في اللحام بالقوس الكهربائي، وفي ملء المصابيح المتوهجة، وفي صناعة أشباه الموصلات، وفي حفظ المواد الحساسة للأكسدة.

  • الكربتون (Kr): 
  • .. يُستخدم الكربتون في صناعة مصابيح الفلورسنت، وفي بعض أنواع الليزر، وفي التصوير الفوتوغرافي عالي السرعة.

  • الزينون (Xe): 
  • .. يُستخدم الزينون في صناعة مصابيح التفريغ الكهربائي القوية، وفي بعض أنواع الليزر، وفي أجهزة التخدير، وفي دفع المركبات الفضائية.

  • الرادون (Rn): 
  • .. يُستخدم الرادون في العلاج الإشعاعي للسرطان، وفي الدراسات الجيولوجية لتحديد عمر الصخور والمعادن، وفي بعض أجهزة قياس الإشعاع.

يُلاحظ من الاستخدامات المذكورة أن للغازات النادرة دوراً هاماً في التكنولوجيا الحديثة وفي العديد من الصناعات، مما يجعلها مواد أساسية في العديد من التطبيقات. كما أن الأبحاث لا تزال جارية لاستكشاف المزيد من استخدامات هذه الغازات في المستقبل.

مصادر الغازات النادرة

تتواجد الغازات النادرة في الغلاف الجوي للأرض بنسب ضئيلة جداً، حيث يشكل الأرجون النسبة الأكبر بينها. كما توجد بعض الغازات النادرة في باطن الأرض، خاصةً الهيليوم والزينون. وتتمثل المصادر الرئيسية للغازات النادرة فيما يلي:

  • الغلاف الجوي:
  • ...يُعتبر الغلاف الجوي المصدر الرئيسي لمعظم الغازات النادرة، حيث يتم استخلاصها عن طريق التقطير التجزيئي للهواء المسال. وتتم هذه العملية عن طريق تبريد الهواء وضغطه إلى درجات حرارة منخفضة جداً، مما يؤدي إلى تسييله، ثم يتم فصل الغازات النادرة عن بعضها البعض بناءً على اختلاف درجات غليانها.

  • الغاز الطبيعي: 
  • .. يحتوي الغاز الطبيعي على كميات ضئيلة من الهيليوم، ويتم استخلاص الهيليوم من الغاز الطبيعي عن طريق التقطير التجزيئي أيضاً. ويُعتبر الهيليوم المتواجد في الغاز الطبيعي مصدراً هاماً لهذا الغاز، نظراً لندرته في الغلاف الجوي.

  • باطن الأرض: 
  • .. تتواجد بعض الغازات النادرة، خاصةً الهيليوم والزينون، في باطن الأرض، حيث تنبعث من الصخور والمعادن نتيجة للتحلل الإشعاعي لبعض العناصر. ويتم استخلاص هذه الغازات من باطن الأرض عن طريق حفر الآبار واستخراجها مع الغازات الأخرى.

يُعتبر استخلاص الغازات النادرة عملية مكلفة ومعقدة، نظراً لتواجدها بنسب ضئيلة في الطبيعة. ولذلك، فإن هذه الغازات تعتبر مواد ذات قيمة عالية، وتتطلب عمليات معالجة دقيقة للحصول عليها بجودة عالية.

الجدول الدوري والغازات النادرة

تُعرف الغازات النادرة أيضاً باسم "غازات المجموعة 18" في الجدول الدوري للعناصر الكيميائية. وتتميز هذه المجموعة بوجودها في أقصى يمين الجدول الدوري، وتضم العناصر التالية: الهيليوم (He)، والنيون (Ne)، والأرجون (Ar)، والكريبتون (Kr)، والزينون (Xe)، والرادون (Rn). كما يوجد عنصر آخر يُسمى الأوغانيسون (Og) وهو عنصر اصطناعي مشع يقع في نفس المجموعة، ولكن لا يُعتبر ضمن الغازات النادرة التقليدية نظراً لعدم استقراره وقصر عمره النصفي.

يُمثل الجدول الدوري ترتيباً للعناصر الكيميائية بناءً على أعدادها الذرية وتوزيعها الإلكتروني، حيث تتشابه العناصر الموجودة في نفس المجموعة في خواصها الكيميائية. وتتميز عناصر المجموعة 18 بأنها ذات غلاف تكافؤ مكتمل بالإلكترونات، مما يفسر خمولها الكيميائي. كما يزداد حجم الذرة تدريجياً كلما انتقلنا من الأعلى إلى الأسفل في المجموعة، مما يؤدي إلى تغير في بعض الخواص الفيزيائية مثل درجة الغليان والانصهار.

تطور اكتشاف الغازات النادرة

لم يتم اكتشاف الغازات النادرة دفعة واحدة، بل تم اكتشافها تدريجياً على مر السنين، وذلك بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي. وفيما يلي نبذة عن تاريخ اكتشاف كل غاز من هذه الغازات:

  • الهيليوم (He):
  • ...تم اكتشاف الهيليوم لأول مرة في عام 1868 من خلال تحليل طيف الشمس، حيث تم اكتشاف خط طيفي جديد لم يكن معروفاً من قبل، وأطلق عليه اسم "الهيليوم" نسبة إلى كلمة "هيليوس" اليونانية التي تعني "الشمس".

  • الأرجون (Ar): 
  • .. تم اكتشاف الأرجون في عام 1894 بواسطة العالمين البريطانيين اللورد رايلي وويليام رامزي، حيث لاحظا أن الهواء يحتوي على غاز غير معروف، أطلقوا عليه اسم "الأرجون" نسبة إلى كلمة "أرجوس" اليونانية التي تعني "خامل".

  • النيون (Ne) والكريبتون (Kr) والزينون (Xe): 
  • .. تم اكتشاف هذه الغازات الثلاثة في عام 1898 بواسطة ويليام رامزي وموريس ترافيرز، وذلك من خلال تحليل طيف الهواء المسال. وقد أطلق على النيون اسم "الجديد"، وعلى الكريبتون اسم "المختفي"، وعلى الزينون اسم "الغريب".

  • الرادون (Rn): 
  • .. تم اكتشاف الرادون في عام 1900 بواسطة فريدريك إرنست دورن، حيث لاحظ أن بعض المواد المشعة تبعث غازاً جديداً، وأطلق عليه اسم "الرادون" نسبة إلى كلمة "راديوم" العنصر المشع الذي ينبعث منه الرادون.

يُلاحظ من تاريخ اكتشاف الغازات النادرة أن هذه الغازات قد لعبت دوراً هاماً في تطور علم الكيمياء والفيزياء، وأن اكتشافها قد ساهم في فهم أعمق للطبيعة وخصائص العناصر الكيميائية.

مقارنة بين الغازات النادرة

فيما يلي جدول يوضح مقارنة بين بعض الخصائص الرئيسية للغازات النادرة:

الغاز الرمز الكيميائي العدد الذري درجة الغليان (°C) الكثافة (g/L) اهم الاستخدامات
الهيليوم He 2 -269 0.178 التبريد، البالونات، التصوير بالرنين المغناطيسي
النيون Ne 10 -246 0.900 لافتات النيون، الليزر
الأرجون Ar 18 -186 1.784 اللحام، المصابيح، أشباه الموصلات
الكربتون Kr 36 -153 3.750 مصابيح الفلورسنت، الليزر
الزينون Xe 54 -108 5.894 مصابيح التفريغ، التخدير، دفع المركبات الفضائية
الرادون Rn 86 -62 9.730 العلاج الإشعاعي، الدراسات الجيولوجية

يُظهر الجدول السابق أن الغازات النادرة تختلف في خصائصها الفيزيائية والكيميائية، وأن لكل منها استخدامات محددة تعتمد على هذه الخصائص. كما يُلاحظ أن درجات الغليان والكثافة تزداد تدريجياً كلما انتقلنا من الهيليوم إلى الرادون، وهذا يعكس التغير في حجم الذرة وقوة التجاذب بين الذرات.

أسئلة شائعة حول الغازات النادرة

قد يتبادر إلى أذهان البعض بعض الأسئلة حول الغازات النادرة، ونذكر منها ما يلي:

  • هل الغازات النادرة فعلاً نادرة؟  
  • .. على الرغم من أن الغازات النادرة تُعرف بهذا الاسم، إلا أنها ليست نادرة بالمعنى المطلق، بل تتواجد بنسب ضئيلة في الغلاف الجوي وباطن الأرض. ويُعتبر الأرجون هو الغاز النادر الأكثر وفرة في الغلاف الجوي، بينما يُعتبر الهيليوم هو الأكثر ندرة بينها.

  • لماذا تُعرف الغازات النادرة أيضاً باسم الغازات النبيلة؟  
  • .. يُطلق عليها أيضاً اسم الغازات النبيلة نظراً لخمولها الكيميائي الشديد، حيث لا تتفاعل بسهولة مع العناصر الأخرى، مما يجعلها "نبيلة" أو غير متفاعلة.

  • هل يمكن للغازات النادرة أن تكون سامة؟  
  • .. معظم الغازات النادرة غير سامة، ولكنها قد تكون خانقة إذا تواجدت بتركيزات عالية، حيث تحل محل الأكسجين في الهواء، مما قد يؤدي إلى الاختناق. أما الرادون، فهو غاز مشع وضار، وقد يؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة إذا تعرض له الإنسان لفترات طويلة.

  • ما هي استخدامات الغازات النادرة في المستقبل؟  
  • .. لا تزال الأبحاث جارية لاستكشاف المزيد من استخدامات الغازات النادرة في المستقبل، خاصةً في مجالات التكنولوجيا المتقدمة مثل أشباه الموصلات، والليزر، والطاقة النووية، والفضاء. ومن المتوقع أن تلعب هذه الغازات دوراً هاماً في تطوير هذه المجالات في المستقبل.

  • هل يمكن الحصول على الغازات النادرة بسهولة؟  
  • .. لا، الحصول على الغازات النادرة ليس سهلاً، بل يتطلب عمليات معالجة مكلفة ومعقدة، نظراً لتواجدها بنسب ضئيلة في الطبيعة. ولذلك، فإن هذه الغازات تعتبر مواد ذات قيمة عالية، وتتطلب استثماراً كبيراً للحصول عليها بجودة عالية.

نذكر أن الغازات النادرة هي مجموعة من العناصر الكيميائية الهامة التي تتميز بخصائص فريدة، وتلعب دوراً حيوياً في العديد من المجالات العلمية والصناعية، وأن فهم هذه الغازات وخصائصها وتطبيقاتها أمر ضروري للتقدم العلمي والتكنولوجي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال